آه ، ما بال النفس لا تبلى و إن هلك الجسد.

ألعنت فما صار لي فناء ، و ذنوبي ما تعرف غفرانا.

ندمي أعياني و أتعب المرأى ... فما صرت مطيقة إبصار ذاتي.

أنى لي ذلك ، و أنت ما كنت بجنبي باق ، سرحت دموعي سيلا  وَ ما كان ما أشيده مغرورقة محي ساكني القبور

" آنستي ، لا تجهدي نفسك فقلبي لا يطيق "

" صدري يضيق لحزنك ، ماري "

ألم في قلبها ظهر فأمسكته عن حين غفلة منها وهي في الماضي شاردة.

ذكريات كانت أسعد ما تملك ، صارت أمر ما شربته يوما.

○ ○ ○

ابتسامتك ، لطفك ، أمانيك 

كلها حفرت في صدرها فما استطاعت محقها و إن أرادت.

" أتساءل ... أكلمات صادقة كانت تلك  ، لوكاس ... أم كنت تلهي امرأة واهية "

تهمس لنفسها ، تشغلها لعلها تمنع رؤيتها للسجن الذي هي فيه

تريد البقاء في هلوسات جسدها يأسها

و لو كانت أوهاما ، لغرقت فيها طواعية رجاء لقائك.

○ ○ ○

" اقتلوا الطاغية "

كلمات عديمة الإحساس ... كاذبة ، لا تجسدها شيئا. هي التي لم تمد يدها على عامي أو رفعت صوتها على خادم.

محمية حياتها كانت ، لكنها تعرف أن مقتل العائلة الحاكمة أمر حتمي.

مقتلها مكتوب لا محال !!

سقوط النظام الدكتاتوري ... تهزأ بهذه الكلمات ، فقد أدركت متأخرا أن لا شيء سرمدي.

حتى الأمن الذي انتشله عشيقها

تُخفي ملامحها ... و تبتسم

○ ○ ○

أشعر بشفتاي تشكلان ابتسامة رضى

عن ماذا أنا راضية ؟ 

لا أظنني أعرف الإجابة ، و ما عنيت بمعرفتها.

أمد ببصري نحوك و أتوجه نحوك قاتلي.

تضيق عيناك 

( لا تنظر لي بتلك النظرة ... أنا أترجاك )

أصرخ في قرارة نفسي و لا أجرؤ عن الكلام ، ليس خوفا منك.

و لكن خوفا من حقيقة أنكرتها دوما

وَ يذهب وجهك الباسم

( أتعلم ، حتى تكشيرك في وجهي صار ترفا لا أحظاه ... ما أرى إلا برودك الهنيهة )

انقبض صدري و تحطم أجزاء كما حطمت أحلامي ... كلا .. بل أوهامي ، يا من كنت أعز إلى قلبي و نفسي

انشرح ضيقي فجأة و أنا أستشعر قدوم حتفي

كنت أقاد في الشارع وَ ظهره يقابلني ، مقيدة كنت .

و لأول مرة شعرت بالمسافة التي تفصلني عنك

" فرح أنت لا بد .. بتخلصك من رعناء مثلي "

أتوجه ببصري نحو النيران التي تلتهم قصرا عشت فيه طيلة عمري

لا أشعر بشيء ... و الألم الذي أطاح بجسدي تخدر

لعله ينبغي أن أمقت قاتل والدي

( لا أقدر ، عزيزي ... و لو نكلت بي ما استطعت أن أكرهك ، و لا كره أحد غير نفسي )


و أحقد عليهم ... من تجاهلوا البشر و طغوا و تجبروا في الأرض مفسدين

أم يجدر بي حمل السخيمة على ذاتي الخرقاء البغيضة التي لم ترى بأسهم

يئست من الدنيا و هي اليوم تتبرأ مني 

" يوم الحرية "

تدخل الكلمتان على وهلة و أنفجر ضاحكة بهستيرية ، تراني بغرابة 

لكنني لم أهتم كما لم يهتم أحد بي قبلا

( أنا متعبة ، منهكة ... و ما أستطيع الشعور كما كنت قبلا وَ كأنني عدت إلى غرفتي التي سُجنت فيها قبل لقائك )

شعور بالعجز ينهكني حين أدركت محبتي لشخص ما أحبني يوما

( مكتوب علي في هذه الحياة أن أكون وحيدة ، أعرف ذلك ... لكن الوحدة ترعبني )

أتهزأ بغبائي خفية كلما أطلعتك على ما يخالجني ...

لكنني لن أعرف ، لأنني لن أسأل ذلك أبدا 

( مترددة في قبول واقعي ، جبانة حتى النهاية )

أسخر من نفسي و صوت ضحكي دوى في المكان ... يائس محطم يثير الشفقة

○ ○ ○

أراه ، صديقي يوما كان و لم يعد .. 

ما كان لي رفيق و كل من عرفته لزعيم الثورة يمتثل

عيناه ملئتا خيبة و حزنا .. و لا أدري أينا يجدر به ذلك الإحساس

هو الذي خانني وَ سحق ثقتي أم أنا الذي آمنت به

( خرقاء ... ألا تدركين أن ما لك من رفيق و لا معين )

دموعي تسيل حسرة و دمائي تنهمل جراء جرم الناس بي.

أجثو على ركبتي مطأطأة في التراب و تساؤل غريب يتسولني

أدمائي تتشربها الأرض أم تنفر مني  كما نفر مني أبوي قبلا وَ أعز الناس لي

○ ○ ○

" هنيئا لوكاس ... هنيئا "

تقول الأخيرة في همس فلم يسمعها و في خلدها تمتم

فخرك عشه .. و .. أنا ... في الخزي أُقبر

يرفع السيف ببرود منفذا عليها الحكم

تجاهل ألما في قلبه لما سلب بيديه حياتها  و أسقطها من نعمتها

غادرت المهجة عيناها الزمرديتان ... فهمس و لم تسمع

" نامي بسلام ، ماري . فأنت تستحقين خيرا من "

و ما يدري أنه في ندمه متخبط ... وفي ذكرياته منتش


من عينين حملتا السخيمة على كل إنسي ، نظرت تتأمل غروب شمس ما أحبت ضياءها يوما...بياض شعرها ما تناسب أبدا
 مع احمرار السماء ، وهي التي مقتت ذلك الوقت تحديدا.

تقبض عينها اليسرى بيدها محاولة تيسير ألمها دون جدوى ، أسنانها تصطك ببعضهما و وَميض غيض سرعان ما أخفته وهجرته
تفتح فاها تردد كلمات أعدتها كل يوم :

_ وداعا ، لا أرجو لقاء قريبا ... أما آن تخلعي زيف كبرياء تلبسته.
أيتها الشمس ‼ ألا فلتحملي رسالتي لعل البدر يأتي مسرعا ... تحررمن أسرك و كن سنائي في حلكة الغيهم.

أغمضت عيانها لبرهة تنتظر مطلع خليصها و هو الذي مُلك سلطة عليها.
ما تعرف أي لعنة بها أصيبت لكنها بهذا الشعور ولهت 
ضحضحت لها الدنيا بعد انفراج عينها الوحيدة ، دجنة المكان أسكنت روحها الضائعة منذ أمد ...

حقا ، هي لا تعيش إلا في هذا الوقت ، إلا بين أحضان الظلام.
سفعها شيء سرعان ما أدركت كيانه :

_ سكارليت ، كدت أتساءل أين لك المآل ؟

أومأ شبيه التنين برأسه مبتسما بسخرية و الأخرى وجنتاها أمام مرآه توردت ، صيحة فرت من شفتيها حين احتضنته باستمتاع :

_ أين جمال العنقاء أمام لطافتك ؟

عانقته بطفولية بحتة و هو في نفسه عجز عن فهم أين ورثت ذوقها الجمالي.
تمتم بيأس :
_ سيد التنانين كان ... و أضحى حيوانا أليفا لها 

أفلتته على مضض حين أبصرت قصر أنفاسه خشية أن تهلكه ، وَما كانت تقدر على سيطرة قوتها الجسدية أحيانا كثيرة.
وقفت من مجلسها ناظرة للنجوم ووحوش الغابة بدأت تتجمع حولها
ما مانعتهم عكس بشر كثير

_رائعة أنا أليس كذلك ... أعلم ، أعلم لا تخجلوا 
قالت بنرجسية و هي تتصنع العلو عليهم ، تقدم لها ثعلب و ذيوله الأربع من ورائه تلتف ، تربت على رأسه و هي في ذكرياتها تسرح.

" همسات صياح و ألم دفين وَ حقد حملته على ذات مهجورة. "

مدت يدها تصنع كرات حديدية تتلاعب بها من اللاشيء تنظر لها بشرود ، سبب رفضها هو هذا...
كسرها للواقع بتجسيدها لأوهام آمنت بها

_ لم تتغيري... كعادتك أنت بافية أبد الدهر.
أتاها صوت لم يبد عنها غريبا وَليس مألوفا كذلك ... انقبض جبينها بانزعاج حين علمت من يكون.

_ صائد وحوش بغيض ... فلتنفض لاشأن لك ههنا.

صوتها قطر قساوة و فاقد للرحمة. إرادة قتل ظهرت باهتة بين برودها. صائدوا الوحوش هؤلاء ، كيف تسعد بوجودهم و هم تهديد لرفقائها

حضورها كان مهيبا ، والفتى مقابلها كان قادرا على الوقوف بصعوبة. لولا تذكرة التنين لها لربما ما بقي حيا.
تزفر في وجهه وَ تدير رأسها ناكرة معرفته. عيناه تضيقان في ألم و يقول :

_ فظيعة أنت ... لان-تشان ، ألا تذكرينني حقا.

ما استغربت لفظه لاسم هجرته منذ زمن ، و لم تعجب خفاءه عن ذاكرتها فلطالما التقت الكثير و نستهم مع الدهر.

_ أوباش الخلق من أمثالك لأن أذكرك ولو قليلا إثم ليس بزائل.

احتدت عيناها فكانت كالذئاب و أسمر الخلقة يضحك بنقاء يثير بغضها 

_ لك السخيمة على البشر ... أولم تكوني بشرا يوما ؟ بل ألست بشرا حتى الآن

" شيطان ، ملعونة ... ابتعدي 
_ لا تقتليني أرجوكي
فتاة صغيرة ترتعش بخوف تقول لمن آمنت بأنه وحش وقتها

_ ما أردت إلا إنقاذك 
تمتم الأخرى بيأس و ألم وَ من قالت بأنها صديقتها يوما تحتظن الجدار تريد الفرار
تلقي نظرة طويلة عليها و تسير بإحباط ... ما ألقت بالا لنفسها المغرقة بالدماء و لا لأشلاء قتلاها يوما "

همسات الماضي تعميها فلا ترى إلا دما ، تهرع للواقف أمامها و تمسك برقبته عن عنوة.
عيناها تريد محقه 

_ لا تستنفدن فرصك عندي يا فتى ... لست شخصا صبورا

الوحوش زمجروا وراءها متأثرين بمشاعرها وَ رفيقها ينظر للبشري بحقد :

_ حياتك إلى الآن ... ليست إلا رحمة منها بك و تقديرا لماض شاركتها فيه يوما

[ شاركتها ] قال و أدرك أن ما جمعهما انطوى وَ رحل ، ابيض وجهه خوفا و تردد في قول بضع أحرف :

_ سأرحل 

رحل فارا ، و أي ندم أو شفقة أكنه لها هجراه وَ هو يشعر بضرورة محق الموبوءة هناك.
اختفى عن مرمى بصرها حين ابتسامة باكية محطمة علت ثغرها :

_ ويلك يا نفس ألا تعلمين ... أنك بفعلك هذا ستهلكين ... ويلك من وحش وضيع 

ضحكة مرهقة بلغت مسمع جمعها و شرارة الجنون بنفسها مسيطرة

_ لا تهلكي النفس فلست لها تملكين ، تحملينها مالا تطيق لهو رزء عظيم.

ربت شبيه التنين على رأسها و للبشر متلبس في لحظة ما أدرك مصيرها ، عيناه احتدتا فكانت أشد من الحسام حين عاتبها و ملامح الرقة ما عرف أنها قد ظهرت خفية

_ ألم يكن رزءها أن وكلت أمانيها إلى بشر لعين

استوجس سيد التنانين منها خيفة ... تكاد تفقد الفتاة رشدها بفضل معشر البشر.

_ في حياتي 90 لم أعرف فيها سلاما ... كلها شك ، قلق و ألم دفين ..
أي ذنب اجترحته حتى يرفض وجودي

تمتم بتعب أنهك فؤادها و طرد راحة تستلذ مذاقها 

_ لم يخدعني ... لم يفتح لي باب أمل حتى يحطمه ؟
لم يرغب قتلي و فنائي ؟

يسرح الدمع من مقلتيها و هي تتشبذ برفيقها كالغريق المتمسك بحبل النجاة
تظلم وتسود ملامحها فزمجرت كالشياطين و بشريتها سلختها و ما كانت قد أذاقتها إلا مريرا

_ لأذيقنه شرا مستطيرا ... لأصببكم يحموما و لأشربنكم سعيرا

تهدأ لوهلة و ابتسامة لم تصل عيناها تطل وجهها :
_ تيها ... تيها يا بني البشر 
فإن الشيطان قد جاء يقتلنكم تقتيلا

ما منعها طويل الشعر جانبها ، و هو أراد يوما تستفيق فيه صغيرته

_ أجل ، فلترفضي قوما رفضوك

يهمس لها بحنو لم تألفه و غادر المكان ، بقيت وحدها حتى بلغت الشمس ذروتها.
تحس بحرقة في بشرتها و لكنها لم تلق بالا ... هي تشعر به

[ خلاصها ] ... القيود التي سجنتها يوما ، فكاكها آت لا محال

تعطش للدماء بان في عينها الزرقاء و الأخرى التي قطن فيها قلبها
ترى معشرا منها يدنو صارخا :

_ ما تغونه هنا ، فلنقتل الوحش و نولي سريعا

[ شيطان ]
تردد كلمة سمعتها طيلة حياتها ... ولأول مرة صدقتها
هي ما تحتاج أن تكون بشرا تعيش

أحاطوا مختلفة العينين في شرودها ، ما أرادوا الاقتراب و اكتفوا برمي السهام  و النيران
يريدون حرقها.

ما نفع ذلك ... ولا حتى أسلحة صائدي الشياطين
أنى لهم قتلها هي التي كانت أوهامها حقيقة و ما آمنت يومها بكونها بشرا أو وحشا وضيعا

رفعت يدها لهم موجهة ، وكانت تبتسم بمجون :

_ سحقا لكم و هلاكا ... الشيطان الذي أطلقتم فزين أفعالكم.
من أدنى الجحيم أنادي ، من مسها الشيطان فلتهلكي قوما آخرين

و ما أدركت أن قرنان أعلى رأسها تنمو ... و زرقة عينها استحالت دموية.
تجسدت صواعق و ريح مهداج ، فما استطاعوا لا قولا و لا فرارا

بصق الجمع الدماء ، شبح الموت حولهم يحوم. نظرت لهم ببغض :

_ تبور ، تبور ... أأنتم الذين عنيتم بقتل هذا الشيطان اللعين ، والله لأخسفن بكم الأرض أكيدا 
و لتذرفن الويل وعيدا ... سلموا الروح فلن يكون لكم من اليوم نهضة.
لن يكون يوما قريبا

أمسكت الجسد المهتاد عن السقوط و رمقت الموتى هناك ببرود ...دلفت الغابة و تسترت بالظلام.
جاء الليل و لا أثر للحياة كان بصيرا
ما رأت من جدوا في الخروج فاختقت ... و كأن لم توجد يوما

تلتجأ إلى أضغاث الشجر الآيك ... هي التي ما صارت بشرا و لا وحشا

[ غريبة ] عادت مع رَفيقها فاتنست له وحده

سكارليت [ فقط ] لا تدري إلى أين المصير
يتم التشغيل بواسطة Blogger.

أرشيف المدونة الإلكترونية

التسميات

تخدير | numbness

آه ، ما بال النفس لا تبلى و إن هلك الجسد. ألعنت فما صار لي فناء ، و ذنوبي ما تعرف غفرانا. ندمي أعياني و أتعب المرأى ... فما صر...